في منتصف العام الدراسي الفائت قمنا انا وعائلتي برحلة سياحية الى ولاية كيرلا الهندية ومن محاسن الصدف ان الجو كان باردا فكانت وجهتنا لجوها المعتدل, مدة الرحلة عشرة أيام, لقد كانت من أجمل الرحلات وأمتعها, تعرفنا خلالها على الشعب الهندي ومعاملته الطيبة والراقية والبيئة والطبيعة الخلابة ذات المناخ المعتدل وبالذات في هذا الوقت من السنة.  تقع ولاية كيرلا جنوب غرب الهند وتطل على المحيط الهندي وفيها من القنوات المائية والغابات الاستوائية والجبال والمراعي الخضراء ما يعجز عنه الوصف, فلا يوجد بها صحاري مطلقا.

  تضم ولاية كيرلا العديد من المدن وهي من أكثر ولايات الهند نظافة, فلقد لاحظت اهتمامهم بالبيئة والمحافظة عليها من خلال التدوير وعدم استخدام الاكياس والاطباق البلاستيكية نهائيا وكذلك في الفنادق تستخدم القناني والكاسات الزجاجية. ولاية كيرلا فيها اثنان وثلاثون نهرا ومثقف ولذلكن البحيرات ومع ذلك لديهم حرص شديد على استهلاك المياه! نسبة التعليم عالية جدا, فالشعب واعي ومثقف  ولذلك استحقت بحق لقب" الولاية المثقفة. خلال تجوالنا لفت انتباهي كثرة الكنائس المنتشرة على طول الطريق وكذلك منظر الحجاج البوذيين وهم يسيرون على الاقدام بأرجلهم العارية مسافات طويلة للوصول الى المعبد المقدس أو بالباصات التي تحملهم وهي مزينة بالورود الصفراء الزاهية الألوان, فالبلاد فيها تعدد الديانات: المسيحية والبوذية، والمسلمين أقل نسبة.       مياه الانهار والجبال والطبيعة الخلابة تدعوك للتأمل والانبهار بعظمة الكون وهذ يفسر انبهار الاوربيين بها وانتشار السياحة في الأرض والرهبنة فيها, فالمسيحية يعتنقها غالبية السكان هنا.          

سوف أتكلم عن بعض الأماكن السياحية للمدن التي زرناها ففي هذا التقرير الموجز لن احيط بكل شيء.                                                                  مدينة ألبي: وهي قريبة من مطار مدينة كوشين الذي هبطنا فيه, الفندق يقع على بحيرة رائعة تصب فيها عدة أنهار ولذلك تشتهر المدينة بالبيوت العائمة "الهاوس بوت" تجربة السكن بها لا تُـفوَّت. أيضا استمتعنا بتجربة ركوب التكتوك حيث أخذتنا في جولة على المدينة وشوارعها وبيوتها.  وتنتشر فيها العلاجات بالأيروفيدا والتدليك, قضينا فيها يومين.  

     مدينة تيكادي: انتقلنا اليها بالباص عبر طرق ضيقه صعودا في الجبال في اليوم التالي أخذنا جولة بالسيارات ذات الدفع الرباعي سفاري في وديانها حيث تنتشر المزارع المختلفة مزارع العنب والموز ونخيل جوز الهند. بالنسبة لي أجمل مكان زرناه في تيكادي هو حديقة البهارات حيث تعرفنا فيها على أشهر أنواع البهارات واشجارها على الطبيعة وجميعها زراعة عضوية, شجرة الفلفل و الدارسين والمسمار... الخ  وكذلك أشجار الأعشاب الطبية وعلاجاتها من خلال شرح مفصل من خبيرة في العلاجات بالأعشاب ومن محاسن الصدف أنها كانت تشتغل سابقا في الرياض سنوات عديدة وتتقن اللغة العربية, صحبتنا في هذه الجولة الغنية ولم تبخل علينا بالمعلومات القيمة, شدتني شجرة الهيل كثيرا لم أكن أتصور أن حبات الهيل تخرج من أسفلها حيث يخرج منها عروق تلتصق حبات الهيل بها. في نهاية الجولة أخذتنا الى معرض لهذه المزروعات حيث تعلب وتعرض للبيع, تسوقنا منها كل حسب حاجته. أيضا من التجارب الممتعة زيارة محمية الفيلة في بيئتها المفتوحة واطعامها والركوب عليها وأخذ الصور التذكارية كذلك قيل لنا أن هناك محمية للنمر الهندي فهو رمز للمدينة ولكن مع الأسف لم يتسنى لنا زيارتها لضيق الوقت.

  انها أجواء فريدة تحفر في الذاكرة  .

 مدينة مونار: من أجمل مدن الولاية والأنشطة والفعاليات السياحية فيها متنوعة وعديدة. قضينا فيها ثلاثة أيام مناخها رائع فهي أبرد من المناطق السابقة تشتهر بحقول الشاي التي تنتشر على سفوح الجبال في منظر لامتناهي يعجز عنه الوصف. ومونار تعتبر كذلك من أهم مناطق زراعة التوابل في الهند. اقمنا في فندق" ذا فوج" جميع الفنادق التي أقمنا بها ممتازة والخدمة جيدة ولكن هذا ذكرته هنا في التقرير لأن استقباله للضيوف كان مميزا, ذا طابع انجليزي ذكرني بالأفلام الإنجليزية القديمة. المنتجع يطل على سفح جبل أخضر ندي, أملئ بالسياح من جميع الجنسيات والعرب وبالذات من السعودية يتواجدون هنا بكثافة؛ حيث الشيف مسلم و يوفر أكل حلال, من الأماكن الجميلة التي زرناها: متحف الشاي التاريخي؛ حيث أخذنا فكرة عن مراحل صناعة الشاي وعرض تاريخي لبداية صناعته وتطورها حيث تصدر الهند أطنان منه كل سنة لجميع انحاء العالم, أيضا توقفنا عند شلالات عدة وزرنا بحيرة "نقطة صدى", المنطقة هنا مليئة بأنواع مختلفة من الأزهار الجميلة ذات الألوان الزاهية التي تشبع الحواس بالبهجة ولذلك يوجد حديقة كبيرة للورود استمتعنا بزيارتها. معنا في القروب شباب وشابات فكان لهم نصيب من الرحلة هنا, حيث المغامرة في حديقة "وندر فالي" تعتمد على الأنشطة الحركية وأغلبها تسلق جبال ومغامرات جميلة.  

 كوشين: رجعنا الى نقطة البداية وعندها نهاية الرحلة, مدينة "كوشين" حيث المطار, قضينا فيها ليلتين, أيضا زرنا سوقها الشعبي كان مميزا و يعج بالحركة والحياة, ولأنها تقع على البحر قمنا بزيارة الشاطئ ومشاهدة منظر الغروب من خلف القوارب الراسية وشباك الصيد لا يُـفـوَّت . لمحبي التسوق, أهم مَـعْـلمْ هو مجمع "لولو" سوف تجد فيه كل ما تطلبه من المنتجات المحلية؛ من أغذية وملابس وتذكارات ومنحوتات وغيرها من المنتجات المختلفة. الأكل عامة متنوع فأمامك خيارات متعددة فيوجد الحلال ويوجد "فِــيـجِـيتـريان" للنباتيين ولكن عامة يشترك بسمة عامه هي: نكهة البهار الطازج الغالبة عليه, فأنت هنا في منبع البهار! وحتى اذا طلبت منهم تخفيف السبايسي والفلفل فلا سمع ولا طاعة, فالله يعينك على الحرارة. هناك شيء يجب وضعه في الحسبان عندما تقرر المجيئ الى كيرلا وهو أن التنقل بين المدن صعب ومرهق ويأخذ الكثير من الجهد والوقت, لأنها منطقة جبليه والطرق ضيقه فالمسافة التي بين مدنها والتي تأخذ منك لقطعها ساعه ونصف تقطع في أربع ساعات ومع ذلك فهي غير مملة, فأنت تستمتع خلالها بروعة المنظر و الباص يتوقف كل ساعة ونصف او ساعتين عند أحد المحطات أوالكشكات المنتشرة على الطرق والتي تقدم عصير جوز الهند الطازج وشرائح الاناناس اللذيذ.

حصيلة التسوق: رجعنا بأشياء مختلفة عن المعتاد, مجموعة من المكسرات منها الكاجو واللوز ذا الجودة العالية ومجموعة من البهارات المتنوعة وأهمها الهيل وهو مرتفع السعر هنا, ورق الغار الرطب و الطازج ولا ننسى الشاي بنكهاته المتنوعة, أيضا المجموعة اشتروا صابون محلي الصنع وتذكارات ومنحوتات خشبية ومن الملابس أخذوا جلابيات وبنجابي للكبار والصغار, اشتروا دهن عود نوعين "هندي صوفي" وكمبودي صوفي" أخذتني الرائحة الى عوالم أخرى. هذه الأشياء تجدها جميعها في الأسواق المحلية لكل مدينة أو يمكنك في أخر الرحلة أن تجدها تحت سقف واحد في مجمع "اللولو" الموجود في كوشين. كانت رحلة ممتعة ذات أجواء فريدة ومميزة اشبعت فيها الحواس البصرية والسمعية والذوقية؛ توجت بطعم ورائحة البهارات الذي لا مثيل له في أي مكان آخر.   

                                                الموضوع كاملا هنا